رسالة خاصة لغير القراء
في عالم الكتابة والتأليف، يعتبر اختيار العنوان المناسب للمقال أو الكتاب واحدا من أبرز المهارات التي ينبغي على الكاتب إتقانها فالعنوان ليس مجرد كلمات تكتب في بداية المقال، بل هو الواجهة الأولى التي يواجهها القارئ، وهو العنصر الذي يجذب انتباهه ويحفزه على الولوج إلى المحتوى. للأسف، نجد أن بعض الكتّاب لا يولون هذا الجانب الأهمية التي يستحقها، بينما يختار آخرون عناوين تقليدية وغير مثيرة، مما يؤدي إلى عزوف القراء عن المحتوى الذي يقدمونه. يعتبر العنوان البوابة الرئيسة للمادة الفكرية، فهو أول ما يقع عليه بصر القارئ، ويلعب دورا حيويا في جذب انتباهه وحثه على قراءة المحتوى. العنوان الجذاب لا يقتصر فقط على كونه مثيرا، بل يجب أن يعبر عن جوهر الموضوع بطريقة مشوقة وجديدة. فبدلاً من الاكتفاء بعنوان تقليدي يكشف المضمون بشكل مباشر، ينبغي أن يكون العنوان إبداعيا ويثير فضول القارئ. إن العنوان الضعيف قد يؤدي إلى فقدان القارئ للاهتمام بالمقال حتى لو كان المحتوى جيدا، في حين أن العنوان الجذاب يمكنه إنقاذ مقالة ضعيفة ومع هذا فإن وضع عنواناً ناجحاً لمقال ضعيف يُعدّ دليلا على افتقار الكاتب للمهارات الاحترافية اللازمة. ولتقريب الفكرة نضرب أمثلة للعناوين الجذابة والمثيرة للفضول وعكسها. فالأولى مثل “زوجة واحدة هل تكفي؟! ” أو“ قصتي مع جهيمان ” أو“ الأمير يتجسس”، هذه الأمثلة تُبرز كيف يمكن للعناوين أن تثير فضول القارئ وتحفزه على القراءة بشكل أكبر ومنها كذلك “ لا تتزوج امرأة تقرأ!” أو تخيل أنك بدونها!”. وغيرها من العناوين الجذابة التي تخلق شعورا بالتشويق وتدفع القارئ للاستكشاف. -وفي المقابل- هناك عناوين مقالات وكتب غير مشوقة مثل: “ التلميح مرفوض والصراحة واجبة !” أو“ طوّر عقلك يتجدد خطابك ” أو“ تغيير الأفكار يصنع التغيير ” أو“ أولويات البيت مقدمة على كل شيء ”، فمن خلال هذه العناوين تجد أنك فهمت المضمون وبالتالي لن تلج إلى المحتوى. هناك أيضاَ عناوين تقليدية مثل“ أمريكا تمرض ولا تموت ” أو“ العام الدراسي على الأبواب!” فهل تتوقع أحدا يتشوق لدخول محتوى هذه العناوين؟! مع احتمال أن يكون المحتوى رائعا وملهما لكن العنوان ظلمه للأسف. أدرك أنه في حالات معينة تقوم الصحيفة أو الدار بتغيير العنوان الذي اختاره الكاتب كحق خاص، تراه المؤسسة لها، وقد تُشعر الكاتب بهذا وبعضها لا تفعل، غير أن سبب التغيير قد يعود إلى الكاتب ابتداء، فلو أدرك المعايير لم يحصل هذه الأمر. أيضاً هناك عدة عوامل مهمة في اختيار العنوان ومنها أن يكون قصيرا وموجزا، بحيث لا يتجاوز 3-6 كلمات ويكون العنوان ذا ارتباط وثيق بموضوع المقال ومحتواه، وأن يكون خاليا من الأخطاء الإملائية واللغوية. في الختام، يعتبر اختيار العنوان المناسب من أهم مهارات الكتابة فالعنوان الجذاب والمشوق هو مفتاح نجاح المقال وجذب القارئ، مما يستدعي من الكاتب الالتفات إلى هذه الجوانب والتدرب عليها باستمرار فالقدرة على صياغة عناوين مثيرة ولافتة للنظر ليست مجرد مهارة، بل هي فن يتطلب الإبداع والابتكار، وهو ما يسهم في تقديم محتوى صحفي متميز وناجح يترك أثره في نفوس القراء...
نقلاً عن الرياض.
التعليقات (1)
التعليقات مغلقة