ثقافة التفاهة
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي اليوم تفاعلا واسعا مع المحتوى الذي يتم تداوله ونشره، ويمكن القول إنه يتخطى كثيرا حده الطبيعي من الانحراف عن الموضوعية والجدية التي تقدمها وسائل الإعلام الأخرى.
فمجرد الدخول إلى أي موقع تواصل اجتماعي، كل ما سيتعرض له المستخدم هو سيل من المنشورات التافهة والمختلفة، الصور والفيديوهات والحوارات الساذجة، وغالبا ما يكون هذا المحتوى بعيدا كل البعد عن الجدية والموضوعية والتفكير المنطقي السليم.
والسبب وراء ذلك يعود إلى الرغبة المتزايدة للمستخدمين في الترويح عن النفس والهروب من ملل الحياة اليومية عن طريق استهلاك محتوى مسل ولا يتطلب تفكيرا كبيرا أو استثمارا للوقت والجهد.
ونتفق على أن الترويح والتسلية مطلبان ولا شك غير أن الإشكالية حين يصبح الترويح والتسلية أضعافا مضاعفة عن الوقت المستثمر بينما يفترض أن العكس هو الصحيح.
المؤسف أن الأمر تجاوز نصابه فقد ارتقت التفاهة حتى أصبح هناك صناعة للتفاهة، حيث يمكن لأي شخص أن يصنع محتوى تافها وينشره بكل سهولة ولن يعدم من محبين ومصفقين وداعمين.
بعض صناع هذه التفاهات يأخذون الأمور إلى مستويات شديدة التفاهة، حيث يقومون بنشر محتويات غير لائقة، ويمررون الأخبار الزائفة وسيناريوهات مختلقة متفق عليها سلفا ويتلاعبون بالحقائق من أجل الحصول على عدد أكبر من المتابعين والإعجابات ومن ثم الشهرة لتحقيق المردود المادي.
وعلى الرغم من أن مثل هذه الأنشطة السخيفة والمعيبة ليست بجديدة إلا أن بعض البرامج الرمضانية تعيد نكأ الجراح مجددا مما يلزم معاودة التحذير لكونها تشكل خطرا كبيرا على مستقبل المجتمعات من عدة جوانب:
- صناعة التفاهة مهددة للنسيج الثقافي والفكري لأفراد المجتمع على اختلاف شرائحه وطبقاته.
- تستخدم بشكل كبير للتأثير على القيم والعادات المجتمعية، ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تشويه وتحطيم القيم الأخلاقية والاجتماعية.
- لها تأثير على الصحة النفسية فقد يؤدى التعرض المتكرر للتفاهات إلى نقص القدرة على التركيز والاهتمام، بالإضافة إلى زيادة المشاعر السلبية مثل الاحتقان والضغينة والتوتر.
- إيقاع الألم الحسي والمعنوي لمعاشر المثقفين والعلماء والأطباء والجنود البواسل وغيرهم من صناع النجاح في الوطن الذين كانوا هم الرواد وأصحاب الشهرة والقدوات في المجتمع.
والسؤال على من نلقي اللوم اليوم؟! على أنفسنا للتقهقر في صناعة الثقافة ليملأ الفراغ صناع التفاهة، أم اللوم على الإعلام التجاري الذي ينظر لمكاسبه المادية فقط أما المجتمعات فإلى الطوفان؟!
نقلا عن "مكة"
نقلا عن "مكة"
التعليقات (0)
التعليقات مغلقة