فرصة الإخوان المسلمين لحكم العالم العربي !
يبدو أن العالم كان بحاجة ماسة لما يسمى «الربيع العربي» نهاية العام 2010 - وبداية العام 2011، لكي يكتشف حجم الخطر والخيانة والتغلغل والتمكن الإخواني من رقبة المجتمعات العربية. لقد أزالت تلك الاحتجاجات الشعبية وما لحقها من تداعيات أمنية وانهيار وفشل اجتماعي الستار على الأخطار الجسيمة التي تركها تغلغل تنظيم الإخوان في الجسد العربي، والذي بلغ عمره تلك الفترة 82 عاماً.
لم يكن يتصور أحد أن التنظيم بتلك القدرات التنظيمية والمالية والانتشار الشبكي داخل المجتمعات العربية. لقد عمل التنظيم على مدى ثمانية عقود بشكل سري، لكي يتمكن يوماً ما من الوصول للحكم ليس في مصر كما يتصور البعض، بل في كل الدول العربية، منطلقين منها لإنشاء إمبراطورية إخوانية تتصور العالم والإسلام بتصورات مختلفة عما ورثه المسلمون عن نبيهم وصحابتهم.
هناك سؤال يطرحه البعض ممن عرف الإخوان، هل لديهم فرصة أخرى لحكم العالم العربي، بعدما فشلوا في مصر وليبيا واليمن وتونس والسودان، وهل طموح الإخوان بالحكم يمتد إلى الدول الخليجية التي تعاطفت مع أزمتهم في الستينات الميلادية؟
الجواب: نعم، فالسماح لهم والتغاضي عن أي حراك يقومون به، والتعامل معهم على أنهم مكون سياسي دون النظر إلى أنهم كيان انقلابي سيساعدهم على القفز إلى الحكم في أي سانحة، ألم يكونوا خلف انقلاب البشير على حكم الصادق المهدي الديموقراطي العام 1989؟ إنه دليل بسيط على قدرتهم على رمي كل ادعاءاتهم وراء ظهورهم إذا حانت فرصة الحكم.
أما في دول الخليج.. فالتنظيم كان أكثر ضراوة في معاداته للدول والشعوب التي استضافتهم وأحسنت إليهم، وإذا كان التنظيم الذي تسيطر عليه في نهاية الأمر أجهزة مخابرات غربية عبر قيادات عربية، يحلم بحكم البلدان الأم لقيادات التنظيم في مصر وسوريا، فإنه يسعى ليس لحكم السعودية ودول الخليج، بل إلى هدم وسحق الشخصية السعودية والخليجية، والقضاء على شكل الدولة الملكية التي ثبت أنها أكثر الأنظمة قدرة على التصدي للتنظيم بسبب تركيبة الولاءات الشعبية بين الشعوب وحكامها الملوك والأمراء.
في مصر استطاع التنظيم الوصول إلى كرسي الحكم إثر احتجاجات «الخريف العربي» بسبب نفوذهم وتغلغلهم في الفترة من العام 1970 إلى العام 2010، وبالرغم من أنهم اغتالوا الرئيس محمد أنور السادات، لكنهم أكملوا اغتيال الدولة المصرية اقتصاداً وحضارة وتمدناً، عبر تمددهم ونفوذهم بسبب حجم ملاءتهم المالية، وسيطرتهم على الخطاب الديني والوعظي، والاستحواذ على العمل المدني في الجمعيات ومراكز الأحياء، حتى وجدوا أن إمكانية الانقلاب على الدولة حانت إثر تفجيرهم لاحتجاجات ما يسمى ثورة 25 يناير.
وهذا يدعو للتأمل طويلاً!
إذ إن ترك الإخوان أو النظر إليهم ككوادر إدارية بعيداً عن انتمائهم الحزبي، وأنه من الممكن تحييد خطرهم التنظيمي والانقلابي، هو «فخ كبير»، سيتحول يوماً ما إلى قنابل تتفجر في جسد الدولة والمجتمع.
لأنهم وبالتوازي مع تمكينهم إدارياً، هناك جناح آخر من التنظيم هو ظهير الأول ويعمل على امتلاك القنوات والمنصات والتسلل إلى إمكان ومفاصل حساسة في الدولة، إضافة إلى سلوكهم المالي غير المنضبط القائم على تبادل منافع مالية بمليارات الدولارات.
تقوم إستراتيجية الإخوان على عدة محاور مهمة!
أولاً: الانتشار الشبكي الواسع والمعقد والمركب، وبناء مجتمعات عنقودية داخل المجتمعات، على سبيل المثال -مجتمع مديري الشركات الكبيرة- التي يقومون فيها بتدوير بعضهم البعض داخلها، وامتلاك القرار في حجم شركات بمليارات الدولارات، وتوظيف كوادرهم والمحسوبين عليهم فقط، اختطاف يستمر لعقود دون أن يشعر به أحد.
ثانياً: تقسيم زمني لحركة الكوادر قدر ما تتطلبه فترة الكمون، إذ إن هناك كوادر سيبقون صامتين لعشرين سنة وربما أكثر حتى يطلب منهم التنظيم التحرك، لكنهم خلال فترة الصمت يتم دفعهم بهدوء للتسلل إلى أهم مراكز ومفاصل الدول.
ثالثاً: زرع «شخصيات» ليست ذات سمات إخوانية مهمتها الصعود في المراكز الحساسة العليا للدول، وربما تصل لأن تصبح مصدر ثقة ومشورة وقرار، ثم تتحول تلك الشخصيات إلى مكائن تمكين الكوادر الصغيرة وإنتاج الوظائف لها، وترشيحها للآخرين من وزراء وأصحاب قرار، ووضعها في مفاصل خطيرة وحساسة دون أن ينتبه لها أحد.
رابعاً: ضمان الاكتفاء المالي للقيادات والرموز، والشباب المبادرين من الإخوان وتحويلهم إلى نماذج ناجحة وغنية، وترسية العقود على شركاتهم وشراء منتجاتهم وتدوير الأموال عبرهم، لتحفيز بقية الكوادر على الطاعة العمياء.
خامساً: كل عنصر خارج الإخوان ليس مرحباً به، وينقسمون لثلاثة أصناف، «رعاع» لا قيمة لهم يستخدمون وقت الحاجة، و«حلفاء» يتم التفاهم معهم واستغلالهم إما بالابتزاز، أو الأموال، أو تبادل المصالح، أو بالتمكين المتبادل، أما «الأعداء» فهؤلاء يتم القضاء عليهم واغتيالهم معنوياً والإطاحة بهم اجتماعياً، وتحريض السلطات عليهم.
أخيراً وهو الأخطر.. إنشاء دولة وأمة موازية للأمة والدولة التي يعيشون بينها، هذه الدولة الإخوانية الموازية لها رئيس وقيادات وشكلها المالي والإداري الهرمي، كما أنهم يتقاسمون حياة مختلفة عن حياة المجتمع الذي يعيشون فيه -إنها فكرة التكفير والهجرة التي غرسها سيد قطب-، فلا أهداف المجتمع الخارجي أهدافهم، ولا يتبنون طموحاته، ولا يتقاسمون همومه، ولا مصادر الثقة والمعلومات واحدة، وكأنهم يعيشون في طبقة منفصلة لوحدهم وبقية الناس في طبقة أخرى، ولذلك سيبقى خطرهم وإمكانية انقلابهم على أي دولة قائماً ما لم تجفف منابعهم مالياً وإدارياً وتنظيمياً.
نقلاً عن "عكاظ"
لم يكن يتصور أحد أن التنظيم بتلك القدرات التنظيمية والمالية والانتشار الشبكي داخل المجتمعات العربية. لقد عمل التنظيم على مدى ثمانية عقود بشكل سري، لكي يتمكن يوماً ما من الوصول للحكم ليس في مصر كما يتصور البعض، بل في كل الدول العربية، منطلقين منها لإنشاء إمبراطورية إخوانية تتصور العالم والإسلام بتصورات مختلفة عما ورثه المسلمون عن نبيهم وصحابتهم.
هناك سؤال يطرحه البعض ممن عرف الإخوان، هل لديهم فرصة أخرى لحكم العالم العربي، بعدما فشلوا في مصر وليبيا واليمن وتونس والسودان، وهل طموح الإخوان بالحكم يمتد إلى الدول الخليجية التي تعاطفت مع أزمتهم في الستينات الميلادية؟
الجواب: نعم، فالسماح لهم والتغاضي عن أي حراك يقومون به، والتعامل معهم على أنهم مكون سياسي دون النظر إلى أنهم كيان انقلابي سيساعدهم على القفز إلى الحكم في أي سانحة، ألم يكونوا خلف انقلاب البشير على حكم الصادق المهدي الديموقراطي العام 1989؟ إنه دليل بسيط على قدرتهم على رمي كل ادعاءاتهم وراء ظهورهم إذا حانت فرصة الحكم.
أما في دول الخليج.. فالتنظيم كان أكثر ضراوة في معاداته للدول والشعوب التي استضافتهم وأحسنت إليهم، وإذا كان التنظيم الذي تسيطر عليه في نهاية الأمر أجهزة مخابرات غربية عبر قيادات عربية، يحلم بحكم البلدان الأم لقيادات التنظيم في مصر وسوريا، فإنه يسعى ليس لحكم السعودية ودول الخليج، بل إلى هدم وسحق الشخصية السعودية والخليجية، والقضاء على شكل الدولة الملكية التي ثبت أنها أكثر الأنظمة قدرة على التصدي للتنظيم بسبب تركيبة الولاءات الشعبية بين الشعوب وحكامها الملوك والأمراء.
في مصر استطاع التنظيم الوصول إلى كرسي الحكم إثر احتجاجات «الخريف العربي» بسبب نفوذهم وتغلغلهم في الفترة من العام 1970 إلى العام 2010، وبالرغم من أنهم اغتالوا الرئيس محمد أنور السادات، لكنهم أكملوا اغتيال الدولة المصرية اقتصاداً وحضارة وتمدناً، عبر تمددهم ونفوذهم بسبب حجم ملاءتهم المالية، وسيطرتهم على الخطاب الديني والوعظي، والاستحواذ على العمل المدني في الجمعيات ومراكز الأحياء، حتى وجدوا أن إمكانية الانقلاب على الدولة حانت إثر تفجيرهم لاحتجاجات ما يسمى ثورة 25 يناير.
وهذا يدعو للتأمل طويلاً!
إذ إن ترك الإخوان أو النظر إليهم ككوادر إدارية بعيداً عن انتمائهم الحزبي، وأنه من الممكن تحييد خطرهم التنظيمي والانقلابي، هو «فخ كبير»، سيتحول يوماً ما إلى قنابل تتفجر في جسد الدولة والمجتمع.
لأنهم وبالتوازي مع تمكينهم إدارياً، هناك جناح آخر من التنظيم هو ظهير الأول ويعمل على امتلاك القنوات والمنصات والتسلل إلى إمكان ومفاصل حساسة في الدولة، إضافة إلى سلوكهم المالي غير المنضبط القائم على تبادل منافع مالية بمليارات الدولارات.
تقوم إستراتيجية الإخوان على عدة محاور مهمة!
أولاً: الانتشار الشبكي الواسع والمعقد والمركب، وبناء مجتمعات عنقودية داخل المجتمعات، على سبيل المثال -مجتمع مديري الشركات الكبيرة- التي يقومون فيها بتدوير بعضهم البعض داخلها، وامتلاك القرار في حجم شركات بمليارات الدولارات، وتوظيف كوادرهم والمحسوبين عليهم فقط، اختطاف يستمر لعقود دون أن يشعر به أحد.
ثانياً: تقسيم زمني لحركة الكوادر قدر ما تتطلبه فترة الكمون، إذ إن هناك كوادر سيبقون صامتين لعشرين سنة وربما أكثر حتى يطلب منهم التنظيم التحرك، لكنهم خلال فترة الصمت يتم دفعهم بهدوء للتسلل إلى أهم مراكز ومفاصل الدول.
ثالثاً: زرع «شخصيات» ليست ذات سمات إخوانية مهمتها الصعود في المراكز الحساسة العليا للدول، وربما تصل لأن تصبح مصدر ثقة ومشورة وقرار، ثم تتحول تلك الشخصيات إلى مكائن تمكين الكوادر الصغيرة وإنتاج الوظائف لها، وترشيحها للآخرين من وزراء وأصحاب قرار، ووضعها في مفاصل خطيرة وحساسة دون أن ينتبه لها أحد.
رابعاً: ضمان الاكتفاء المالي للقيادات والرموز، والشباب المبادرين من الإخوان وتحويلهم إلى نماذج ناجحة وغنية، وترسية العقود على شركاتهم وشراء منتجاتهم وتدوير الأموال عبرهم، لتحفيز بقية الكوادر على الطاعة العمياء.
خامساً: كل عنصر خارج الإخوان ليس مرحباً به، وينقسمون لثلاثة أصناف، «رعاع» لا قيمة لهم يستخدمون وقت الحاجة، و«حلفاء» يتم التفاهم معهم واستغلالهم إما بالابتزاز، أو الأموال، أو تبادل المصالح، أو بالتمكين المتبادل، أما «الأعداء» فهؤلاء يتم القضاء عليهم واغتيالهم معنوياً والإطاحة بهم اجتماعياً، وتحريض السلطات عليهم.
أخيراً وهو الأخطر.. إنشاء دولة وأمة موازية للأمة والدولة التي يعيشون بينها، هذه الدولة الإخوانية الموازية لها رئيس وقيادات وشكلها المالي والإداري الهرمي، كما أنهم يتقاسمون حياة مختلفة عن حياة المجتمع الذي يعيشون فيه -إنها فكرة التكفير والهجرة التي غرسها سيد قطب-، فلا أهداف المجتمع الخارجي أهدافهم، ولا يتبنون طموحاته، ولا يتقاسمون همومه، ولا مصادر الثقة والمعلومات واحدة، وكأنهم يعيشون في طبقة منفصلة لوحدهم وبقية الناس في طبقة أخرى، ولذلك سيبقى خطرهم وإمكانية انقلابهم على أي دولة قائماً ما لم تجفف منابعهم مالياً وإدارياً وتنظيمياً.
نقلاً عن "عكاظ"
التعليقات (0)
التعليقات مغلقة