logo
logo logo

المتقاعدون.. ثروة مهدرة !

المتقاعدون.. ثروة مهدرة !
نعيش في بلادنا بتغيرات جذرية من الناحية التنموية يقودها شباب مؤهل علمياً وله رؤية العمل والإنتاج تختلف عن الأجيال التي سبقته، وهذا بالحقيقة ميزة إيجابية، ولكنني أعتقد أن بعض المتقاعدين -وليس كلهم- لديهم خبرات متراكمة يمكن الاستفادة منها في جميع المجالات، ولا يعني استقطاب بعضهم أن يكون بالضرورة توظيفهم بوظائف دائمة روتينية كما تعودوا في السابق، طبيعة البعض منا هو التمسك والإصرار على العمل بوظيفته السابقة، وأتذكر الكثير من الزملاء الذين كانوا يحاولون أن يمدد لهم في وظائفهم أو يتعاقد معهم بعقود رواتبها متدنية جداً، الهدف كان البقاء بالوظيفة وفي النهاية تشفق عليهم فلا يسند لهم أية مهام وظيفية وفي النهاية يتلاشون ويذبلون مادياً ونفسياً، ما أريد طرحه هو مدى الاستفادة بشكل كبير من المتقاعدين وخبراتهم المتراكمة وقد لا يكون هدف الغالبية منهم هو المردود المالي في حال انخراطهم في أعمال استشارية أو غير ذلك. بعضنا بطبيعته لا يحب البقاء في المنزل ولديه طاقة زائدة وصحته تساعده على العمل، لماذا لا نستفيد منهم في بعض هذه الأعمال واستقطابهم في بعض الأعمال الموسمية والتطوعية، البعض يقول إن المتقاعد من حقه أن يتمتع بفترة تقاعده إلى أبعد درجة، خاصة أن ليس لديه أعباء عائلية من أطفال وغير ذلك يفترض أنه مؤمن منزل سكني خاص له ولأسرته وراتبه التقاعدي له لوحده يصرفه فيما يحب وهذا من أبسط حقوقه، البعض منهم يسافرون في داخل الوطن للتعرف على مناطق لم يزوروها أو في رحلات استكشافية خارج البلاد قد تستمر لفترات طويلة، ومن معايشة شخصية لبعض المتقاعدين أن القلة منهم قد خطط بشكل جيد لهذه المرحلة وبعضهم نجحوا في أعمال خاصة لهم بعد التقاعد، ولكن الغالبية منهم يعيشون في عزلة رهيبة تقتلهم نفسياً وجسدياً، ويصلون للإحساس أن المجتمع وعائلاتهم قد تخلوا عنهم وأنهم اصبحوا لا لزوم لهم في محيطهم وهذه كارثة كبيرة، البعض ومن الفراغ الذي يعيشونه والسلوك الغريب من البعض أصبحوا محل تندر من هذه التصرفات، حيث أصبحوا متخصصين في تقديم الشكاوى عن أية مخالفة يرونها في شارعهم أو في أية بقعة في مدنهم، خاصة أن التطبيقات الإلكترونية تساعدهم في هذه المهنة الرقابية، ولا يعني هذا أنني استخف بهم، ولكن أتمنى أن يستفاد منهم بطريقة منظمة خاصة من هم على استعداد للعمل والمشاركة، لماذا لا يكون هناك منصات وطنية يشارك فيها المتقاعد وتوضع خبراتهم المتعددة فيها وتكون متوفرة لأية جهة تحتاجها، أما القطاع الخاص وشركاتنا العزيزة فعليها مسؤولية كبيرة في هذا السياق فلا يعقل مثلاً أن تسرح الموظف السعودي بسبب عمره التقاعدي وتستقدم موظفين تخطوا هذا العمر من الخارج، الأولى أن يبقى المواطن في وظيفته حتى لو قلل راتبه بطريقة ما من باب العدالة والمساواة مع زميله الموظف الأجنبي المتساوي معه بالعمر أو الأكبر منه، المتقاعد في بلدنا ليس كمتقاعد الأمس الغالبية بصحة وعقلية جيدة من الظلم إهدار مثل هذه الطاقات وعدم الاستفادة منها بطريقة لا تظلم الأجيال الشابة في حقها بالتوظيف والعمل، فكل له دوره وزمنه.

نقلاً عن "عكاظ"
التعليقات (0)

التعليقات مغلقة